کد مطلب:90516 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:466
نَحْمَدُهُ عَلی مَا وَفَّقَ لَهُ مِنَ الطَّاعَةِ، وَ ذَادَ عَنْهُ مِنَ الْمَعْصِیَةِ، وَ نَسْأَلُهُ لِمِنَّتِهِ[1] تَمَاماً، وَ بِحَبْلِهِ اعْتِصَاماً. وَ نَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ عَبْدُهُ وَ رَسُولُهُ، خَاضَ إِلی رِضْوَانِ اللَّهِ كُلَّ غَمْرَةٍ، وَ تَجَرَّعَ فیهِ كُلَّ غُصَّةٍ، وَ قَدْ تَلَوَّنَ لَهُ الأَدْنَوْنَ، وَ تَأَلَّبَ عَلَیْهِ الأَقْصَوْنَ، وَ خَلَعَتْ إِلَیْهِ الْعَرَبُ أَعِنَّتَهَا، وَ ضَرَبَتْ إِلی مُحَارَبَتِهِ بُطُونَ رَوَاحِلِهَا، حَتَّی أَنْزَلَتْ بِسَاحَتِهِ عَدَاوَتَهَا مِنْ أَبْعَدِ الدَّارِ، وَ أَسْحَقِ الْمَزَارِ. أَمَّا بَعْدُ، أُوصیكُمْ، عِبَادَ اللَّهِ، بِتَقْوَی اللَّهِ وَ أُحَذِّرُكُمْ أَهْلَ النِّفَاقِ، فَإِنَّهُمُ الضَّالُّونَ الْمُضِلُّونَ، وَ الزَّالُّونَ الْمُزِلُّونَ، یَتَلَوَّنُونَ أَلْوَاناً، وَ یَفْتَنُّونَ افْتِنَاناً، وَ یَعْمِدُونَكُمْ بِكُلِّ عِمَادٍ، وَ یَرْصُدُونَكُمْ بِكُلِّ مِرْصَادٍ. قُلُوبُهُمْ دَوِیَّةٌ، وَ صِفَاحُهُمْ نَقِیَّةٌ. یَمْشُونَ الْخَفَاءَ، وَ یَدِبُّونَ الضَّرَّاءَ. وَصْفُهُمْ دَوَاءٌ، وَ قَوْلُهُمْ شِفَاءٌ، وَ فِعْلُهُمُ الدَّاءُ الْعَیَاءُ. حَسَدَةُ الرَّخَاءِ، وَ مُؤَكِّدُو[2] الْبَلاءِ، وَ مُقْنِطُو الرَّجَاءِ. [صفحه 343] لَهُمْ بِكُلِّ طَریقٍ صَریعٌ، وَ إِلی كُلِّ قَلْبٍ شَفیعٌ، وَ لِكُلِّ شَجْوٍ دُمُوعٌ. یَتَقَارَضُونَ الثَّنَاءَ، وَ یَتَرَاقَبُونَ الْجَزَاءَ. إِنْ سَأَلُوا أَلْحَفُوا، وَ إِنْ عَذَلُوا كَشَفُوا، وَ إِنْ حَكَمُوا أَسْرَفُوا. قَدْ أَعَدُّوا لِكُلِّ حَقٍّ بَاطِلاً، وَ لِكُلِّ قَائِمٍ مَائِلاً، وَ لِكُلِّ حَیٍّ قَاتِلاً، وَ لِكُلِّ بَابٍ مِفْتَاحاً، وَ لِكُلِّ لَیْلٍ مِصْبَاحاً. یَتَوَصَّلُونَ إِلَی الطَّمَعِ بِالْیَأْسِ، لِیُقیمُوا بِهِ أَسْوَاقَهُمْ، وَ یُنْفِقُوا بِهِ أَعْلاقَهُمْ[3]. یَقُولُونَ فَیُشَبِّهُونَ، وَ یَصِفُونَ فَیُمَوِّهُونَ. قَدْ هَوَّنُوا[4] الطَّریقَ، وَ أَضْلَعُوا الْمَضیقَ. فَهُمْ لُمَةُ الشَّیْطَانِ، وَ حُمَةُ النّیرَانِ. أوُلئِكَ حِزْبُ الشَّیْطَانِ أَلا إِنَّ حِزْبَ الشَّیْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ[5]. أَیُّهَا النَّاسُ[6]، إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ[7] تَعَالی افْتَرَضَ عَلَیْكُمْ فَرَائِضَ فَلا تُضَیِّعُوهَا[8]، وَحَدَّ لَكُمْ حُدُوداً فَلا تَعْتَدُوهَا، وَ نَهَاكُمْ عَنْ أَشْیَاءَ فَلا تَنْتَهِكُوهَا، وَ سَكَتَ لَكُمْ عَنْ أَشْیَاءَ لَمْ یَدَعْهَا[9] نِسْیَاناً، وَ لكِنْ رَحْمَةً مِنْهُ لَكُمْ، فَاقْبَلُوهَا[10]، وَ لا تَتَكَلَّفُوهَا. حَلالٌ بَیِّنٌ، وَ حَرَامٌ بَیِّنٌ، وَ شُبُهَاتٌ بَیْنَ ذَلِكَ. فَمَنْ تَرَكَ مَا اشْتُبِهَ عَلَیْهِ فَهُوَ لِمَا اسْتَبَانَ عَلَیْهِ أَتْرَكُ. وَ الْمَعَاصی حِمَی اللَّهِ، فَمَنْ رَتَعَ حَوْلَهَا یُوشِكُ أَنْ یَقَعَ فیهَا. [صفحه 344] أَلا مَنْ خَافَ حَذِرَ، وَ مَنْ حَذِرَ جَانَبَ السَّیِّئَاتِ. أَلا وَ إِنَّهُ مَنْ جَانَبَ السَّیِّئَاتِ أَدْلَجَ إِلَی الْخَیْرَاتِ فِی السَّرَّاءِ، وَ مَنْ أَرَادَ السَّفَرَ أَعَدَّ لَهُ زَاداً، فَأَعِدُّوا الزَّادَ لِیَوْمِ الْمَعَادِ. اَلْیَوْمَ عَمَلٌ وَ لا ثَوَابٌ، وَ لا عَمَلَ كَأَدَاءِ مَفَاتیحِ الْهُدی[11]. فَلْیَصْدُقْ رَائِدٌ أَهْلَهُ، وَلْیُحْضِرْ[12] عَقْلَهُ، وَلْیَكُنْ مِنْ أَبْنَاءِ الآخِرَةِ، فَإِنَّهُ مِنْهَا قَدِمَ، وَ إِلَیْهَا یَنْقَلِبُ. فَالنَّاظِرُ بِالْقَلْبِ، الْعَامِلُ بِالْبَصَرِ، یَكُونُ مُبْتَدَأُ عَمَلِهِ[13] أَنْ یَعْلَمَ، أَعَمَلُهُ عَلَیْهِ أَمْ لَهُ. فَإِنْ كَانَ لَهُ مَضی فیهِ، وَ إِنْ كَانَ عَلَیْهِ وَقَفَ عَنْهُ[14]. فَإِنَّ الْعَامِلَ بِغَیْرِ عِلْمٍ كَالسَّالِكِ عَلی غَیْرِ طَریقٍ، فَلا یَزیدُهُ بُعْدُهُ عَنِ الطَّریقِ الْوَاضِحِ[15] إِلاَّ بُعْداً مِنْ حَاجَتِهِ، وَ الْعَامِلُ بِالْعِلْمِ كَالسَّائِرِ[16] عَلَی الطَّریقِ الْوَاضِحِ. فَلْیَنْظُرْ نَاظِرٌ: أَسَائِرٌ هُوَ أَمْ رَاجِعٌ؟. [ أَیُّهَا النَّاسُ، ] إِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی أَنْزَلَ كِتَاباً هَادِیاً بَیَّنَ فیهِ[17] الْخَیْرَ وَ الشَّرَّ، فَخُذُوا نَهْجَ الْخَیْرِ تَهْتَدُوا، وَ اصْدِفُوا عَنْ سَمْتِ الشَّرِّ تَقْصِدُوا. اَلْفَرَائِضَ الْفَرَائِضَ أَدُّوهَا إِلَی اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَ تَعَالی[18] تُؤَدِّكُمْ إِلَی الْجَنَّةِ. أَیُّهَا النَّاسُ، أَلْقُوا هذِهِ الأَزِمَّةَ، الَّتی تَحْمِلُ ظُهُورُهَا الأَثْقَالَ، مِنْ أَیْدیكُمْ، وَ لا تَصَدَّعُوا عَلی سُلْطَانِكُمْ فَتَذُمُّوا[19] غِبَّ فِعَالِكُمْ، وَ لاَ تَقیسُوا هذِهِ الأُمُورَ بِآرَائِكُمْ فَتَرْتَدُّوا الْقَهْقَری عَلی [صفحه 345] أَعْقَابِكُمْ[20]، وَ لا تَقْتَحِمُوا مَا اسْتَقْبَلَكُمْ مِنْ فَوْرِ نَارِ الْفِتْنَةِ، وَ أَمیطُوا عَنْ سَنَنِهَا، وَ خَلُّوا قَصْدَ السَّبیلِ لَهَا، فَقَدْ، لَعَمْری، یَهْلِكُ فی لَهَبِهَا الْمُؤْمِنُ، وَ یَسْلَمُ فیهَا غَیْرُ الْمُسْلِمِ. أَلاَ فَتَمَسَّكُوا مِنْ إِمَامِ الْهُدی بِحُجْزَتِهِ، وَ خُذُوا مِمَّنْ یَهْدیكُمْ وَ لاَ یُضِلُّكُمْ، فَإِنَّ الْعُرْوَةَ الْوُثْقی تَقْوَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذینَ اتَّقَوْا وَ الَّذینَ هُمْ مُحْسِنُونَ[21]. إِنَّمَا مَثَلی بَیْنَكُمْ مَثَلَ السِّرَاجِ فِی الظُّلْمَةِ، یَسْتَضی ءُ بِهِ مَنْ وَلَجَهَا. فَاسْمَعُوا، أَیُّهَا النَّاسُ، وَ عُوا، وَ أَحْضِرُوا آذَانَ قُلُوبِكُمْ تَفْهَمُوَا[22]، دَاعٍ دَعَا، وَ رَاعٍ رَعی، فَاسْتَجیبُوا لِلدَّاعی، وَ اتَّبِعُوا الرَّاعی. [ وَ ] لا تَخْتَانُوا وُلاتَكُمْ، وَ لا تَغُشُّوا هُدَاتَكُمْ، وَ لا تُجْهِلُوا أَئِمَّتَكُمْ، وَ لا تَصَدَّعُوا عَنْ حَبْلِكُمْ، فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ ریحُكُمْ، وَ عَلی هذَا فَلْیَكُنْ تَأْسیسُ أُمُورِكُمْ. وَ الْزَمُوا هذِهِ الطَّریقَةَ[23]، فَإِنَّكُمْ لَوْ عَایَنْتُمْ مَا قَدْ عَایَنَ مَنْ مَاتَ مِنْكُمْ مِمَّنْ خَالَفَ مَا قَدْ تُدْعَوْنَ إِلَیْهِ، لَبَدَرْتُمْ وَ خَرَجُتُمْ[24]، وَ لَجَزِعْتُمْ وَ وَهِلْتُمْ، وَ سَمِعْتُمْ وَ أَطَعْتُمْ، وَ لكِنْ مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا قَدْ عَایَنُوا، وَ قَریبٌ مَّا یُطْرَحُ الْحِجَابُ. لَقَدْ بُصِّرْتُمْ إِنْ أَبْصَرْتُمْ، وَ أُسْمِعْتُمْ إِنِ اسْتَمَعْتُمْ[25]، وَ هُدیتُمْ إِنِ اهْتَدَیْتُمْ. بِحَقٍّ أَقُولُ لَكُمْ، لَقَدْ جَاهَرَتْكُمُ الْعِبَرُ، وَ زُجِرْتُمْ بِمَا فیهِ مُزْدَجَرٌ، وَ مَا یُبَلِّغُ عَنِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ[26] بَعْدَ رُسُلِ السَّمَاءِ إِلاَّ الْبَشَرُ. وَ نَاظِرُ قَلْبِ اللَّبیبِ بِهِ یُبْصِرُ أَمَدَهُ، وَ یَعْرِفُ غَوْرَهُ وَ نَجْدَهُ. [صفحه 346] إِنَّ اللَّهَ تَعَالی حَرَّمَ حَرَاماً غَیْرَ مَجْهُولٍ، وَ أَحَلَّ حَلالاً غَیْرَ مَدْخُولٍ، وَ فَضَّلَ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ عَلَی الْحُرَمِ كُلِّهَا، وَ شَدَّ بِالاِخْلاصِ وَ التَّوْحیدِ حُقُوقَ الْمُسْلِمینَ فی مَعَاقِدِهَا. فَالْمُسْلِمُ مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ[27] مِنْ لِسَانِهِ وَ یَدِهِ إِلاَّ بِالْحَقِّ. وَ لا یَحِلُّ لِمُسْلِمٍ[28] أَذَی الْمُسْلِمِ[29] إِلاَّ بِمَا یَجِبُ. بَادِرُوا أَمْرَ الْعَامَّةِ وَ خَاصَّةَ أَحَدِكُمْ وَ هُوَ الْمَوْتُ، فَإِنَّ النَّاسَ[30] أَمَامُكُمْ، وَ إِنَّ السَّاعَةَ تَحْدُوكُمْ مِنْ خَلْفِكُمْ[31]. تَخَفَّفُوا تَلْحَقُوا، فَإِنَّمَا یُنْتَظَرُ بِأَوَّلِكُمْ آخِرُكُمْ. إِتَّقُوا اللَّهَ، عِبَادَ اللَّهِ[32]، فی عِبَادِهِ وَ بِلادِهِ، فَإِنَّكُمْ مَسْؤُولُونَ حَتَّی عَنِ الْبِقَاعِ وَ الْبَهَائِمِ. أَطیعُوا اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ[33] وَ لا تَعْصُوهُ، وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الْخَیْرَ فَخُذُوا بِهِ، وَ إِذَا رَأَیْتُمُ الشَّرَّ فَأَعْرِضُوا[34] عَنْهُ. فَكَأَنْ قَدْ عَلِقَتْكُمْ مَخَالِبُ الْمَنِیَّةُ، وَ أَحَاطَتْ بِكُمُ الْبَلِیَّةُ[35]، وَ انْقَطَعَتْ عَنْكُمْ[36] عَلائِقُ الأُمْنِیَّةِ، وَ دَهَمَتْكُمْ مُفْظِعَاتُ الأُمُورِ بِنَفْخَةِ الصُّورِ، وَ بَعْثَرَةِ الْقُبُورِ[37]، وَ السِّیَاقَةِ إِلَی الْوِرْدِ الْمَوْرُودِ، [صفحه 347] فَبَرَزَ الْخَلائِقُ لِلْمُبْدِئِ الْمُعیدِ، وَ جَاءَتْ[38] كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَ شَهیدٌ[39]: سَائِقٌ یَسُوقُهَا إِلی مَحْشَرِهَا، وَ شَاهِدٌ یَشْهَدُ عَلَیْهَا بِعَمَلِهَا. إِنَّ أَوْلِیَاءَ اللَّهِ هُمُ الَّذینَ نَظَرُوا إِلی بَاطِنِ الدُّنْیَا إِذَا[40] نَظَرَ النَّاسُ إِلی ظَاهِرِهَا، وَ اشْتَغَلُوا بِآجِلِهَا إِذَا[41] اشْتَغَلَ النَّاسُ بِعَاجِلِهَا، فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا خَشُوا أَنْ یُمیتَهُمْ، وَ تَرَكُوا مِنْهَا مَا عَلِمُوا أَنَّهُ سَیَتْرُكُهُمْ، وَ رَأَوُا اسْتِكْثَارَ غَیْرِهِمْ مِنْهَا اسْتِقْلالاً، وَ دَرْكَهُمْ لَهَا فَوْتاً. فَهُمْ[42] أَعْدَاءُ مَا سَالَمَ النَّاسُ، وَ سَلْمُ مَا عَادَی النَّاسُ. خَلُقَتِ الدُّنْیَا عِنْدَهُمْ فَلَیْسَ یَعْمُرُونَهَا، وَ مَاتَتْ فی قُلُوبِهِمْ فَلَیْسَ یُحِبُّونَهَا، وَ یَهْدِمُونَهَا وَ یَبْنُونَ بِهَا آخِرَتَهُمْ، وَ یَبیعُونَهَا وَ یَشْتَرُونَ بِهَا مَا یَبْقی لَهُمْ. وَ نَظَرُوا إِلی أَهْلِهَا صَرْعی قَدْ خَلَتْ مِنْهُمُ الْمَثُلاَتُ، فَأَحَبُّوا ذِكْرَ اللَّهِ وَ أَمَاتُوا ذِكْرَ الْحَیَاةِ. بِهِمْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَ بِهِ نَطَقُوا، وَ[43] بِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَ بِهِ عُلِمُوا[44]، وَ بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَ بِهِ قَامُوا. لا یَرَوْنَ مَرْجُوّاً فَوْقَ مَا یَرْجُونَ، وَ لا مَخُوفاً فَوْقَ مَا یَخَافُونَ. وَ اللَّهِ، أَیُّهَا النَّاسُ[45]، لَقَدْ رَأَیْتُ[46] أَصْحَابَ خَلیلی[47] مُحَمَّدٍ صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ وَ آلِهِ وَ سَلَّمَ فَمَا أَری أَحَداً یُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ[48]. [صفحه 348] لَقَدْ كَانُوا یُصْبِحُونَ صُفْراً[49] شُعْثاً غُبْراً، وَ قَدْ بَاتُوا[50] سُجَّداً وَ قِیَاماً، یَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ[51]، یُرَاوِحُونَ بَیْنَ جِبَاهِهِمْ وَ خُدُودِهِمْ، وَ یَقِفُونَ عَلی مِثْلِ الْجَمْرِ[52] مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ، كَأَنَّ زَفیرَ النَّارِ فی آذَانِهِمْ[53]. كَأَنَّ بَیْنَ أَعْیُنِهِمْ رُكَبُ الْمِعْزی مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ. إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ تَعَالی[54] هَمَلَتْ أَعْیُنُهُمْ حَتَّی تَبُلَّ جُیُوبَهُمْ، وَ مَادُوا كَمَا یَمیدُ الشَّجَرُ یَوْمَ الرّیحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَ رَجَاءً لِلثَّوَابِ. قَوْمٌ، وَ اللَّهِ، مَیَامینُ الرَّأْیِ، مَرَاجیحُ الْحِلْمِ، مَقَاویلُ بِالْحَقِّ، مَتَاریكُ لِلْبَغْیِ. مَضَوْا قُدُماً عَلَی الطَّریقَةِ، وَ أَوْجَفُوا عَلَی الْمَحَجَّةِ، فَظَفِرُوا بِالْعُقْبَی الدَّائِمَةِ، وَ الْكَرَامَةِ الْبَارِدَةِ. كَانَ لی فیمَا مَضی أَخٌ فِی اللَّهِ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ فی عَیْنی[55]. وَ كَانَ یُعَظِّمُهُ فی عَیْنی صِغَرُ الدُّنْیَا فی عَیْنِهِ. وَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ بَطْنِهِ، فَلا یَشْتَهی[56] مَا لا یَجِدُ، وَ لا یُكْثِرُ إِذَا وَجَدَ. وَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ فَرْجِهِ، فَلاَ یَسْتَخِفُّ لَهُ عَقْلَهُ وَ لاَ رَأْیَهُ. وَ كَانَ خَارِجاً مِنْ سُلْطَانِ جَهْلِهِ، فَلاَ یَمُدُّ یَداً إِلاَّ عَلی ثِقَةِ الْمَنْفَعَةِ، وَ لاَ یَخْطُو خُطْوَةً إِلاَّ لِحَسَنَةٍ[57]. وَ كَانَ أَكْثَرَ دَهْرِهِ صَامِتاً، فَإِنْ قَالَ بَذَّ[58] الْقَائِلینَ، وَ نَقَعَ غَلیلَ السَّائِلینَ. [صفحه 349] وَ كَانَ ضَعیفاً مُسْتَضْعَفاً، فَإِنْ جَاءَ الْجِدُّ فَهُوَ لَیْثٌ غَادٍ[59]، وَ صِلُّ وَادٍ. وَ كَانَ لا یُدْلی بِحُجَّةٍ حَتَّی یَأْتِیَ قَاضِیاً. وَ كَانَ لا یَلُومُ أَحَداً عَلی مَا یَجِدُ الْعُذْرَ فی مِثْلِهِ حَتَّی یَسْمَعَ اعْتِذَارَهُ. وَ كَانَ لاَ یَشْكُو وَجَعاً إِلاَّ عِنْدَ بُرْئِهِ[60]. وَ كَانَ یَفْعَلُ مَا یَقُولُ، وَ لا یَقُولُ مَا لا یَفْعَلُ[61]. وَ كَانَ إِنْ غُلِبَ عَلَی الْكَلامِ لَمْ یُغْلَبْ عَلَی السُّكُوتِ. وَ كَانَ عَلی أَنْ یَسْمَعَ أَحْرَصَ مِنْهُ عَلی أَنْ یَتَكَلَّمَ. وَ كَانَ إِذَا بَدَهَهُ أَمْرَانِ لاَ یَدْری أَیُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَی الْحَقِّ[62] نَظَرَ أَیُّهُمَا أَقْرَبُ إِلَی الْهَوی فَخَالَفَهُ. فَعَلَیْكُمْ بِهذِهِ الْخَلائِقِ[63] فَالْزَمُوهَا، وَ تَنَافَسُوا فیهَا. فَإِنْ لَمْ تَسْتَطیعُوهَا فَاعْلَمُوا أَنَّ أَخْذَ الْقَلیلِ خَیْرٌ مِنْ تَرْكِ الْكَثیرِ. أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّهُ لا یَسْتَغْنی الرَّجُلُ، وَ إِنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَ وَلَدٍ[64]، عَنْ عَشیرَتِهِ[65]، وَ عَنْ مَوَدَّتِهِمْ وَ كَرَامَتِهِمْ[66]، وَ دِفَاعِهِمْ عَنْهُ بِأَیْدیهِمْ وَ أَلْسِنَتِهِمْ. وَ هُمْ أَعْظَمُ النَّاسِ حَیْطَةً مِنْ وَرَائِهِ، وَ أَلَمُّهُمْ لِشَعْثِهِ، وَ أَعْطَفُهُمْ عَلَیْهِ، عِنْدَ نَازِلَةٍ إِنْ[67] نَزَلَتْ بِهِ. أَلا لا یَعْدِلَنَّ[68] أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ یَری بِهَا الْخَصَاصَةَ أَنْ یَسُدَّهَا بِالَّذی لا یَزیدُهُ إِنْ [صفحه 350] أَمْسَكَهُ، وَ لا یَنْقُصُهُ إِنْ أَهْلَكَهُ[69]. وَ مَنْ یَقْبِضْ یَدَهُ عَنْ عَشیرَتِهِ فَإِنَّمَا تُقْبَضُ مِنْهُ عَنْهُمْ یَدٌ وَاحِدَ، وَ تُقْبَضُ مِنْهُمْ عَنْهُ أَیْدٍ كَثیرَةٌ. وَ مَنْ تَلِنْ حَاشِیَتُهُ یَسْتَدِمْ مِنْ قَوْمِهِ الْمَوَدَّةَ[70]، وَ مَنْ بَسَطَ عَلَیْهِمْ یَدَهُ بِالْمَعْرُوفِ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللَّهِ تَعَالی یُخْلِفُ اللَّهُ لَهُ مَا أَنْفَقَ فی دُنْیَاهُ وَ یُضَاعِفُ لَهُ الأَجْرَ فی آخِرَتِهِ. وَ اعْلَمُوا أَنَّ[71] لِسَانَ الصِّدْقِ یَجْعَلُهُ اللَّهُ لِلْمَرْءِ فِی النَّاسِ خَیْرٌ لَهُ مِنَ الْمَالِ یَأْكُلُهُ وَ[72] یُوَرِّثُهُ غَیْرَهُ. فَلا یَزْدَادَنَّ أَحَدُكُمْ كِبْرِیَاءَ وَ لاَ عَظَمَةً فِی نَفْسِهِ، وَ نَأْیاً عَنْ عَشیرَتِهِ، أَنْ كَانَ مُوسِراً فِی الْمَالِ، وَ لا یَزْدَادَنَّ أَحَدُكُمْ فی أَخیهِ زُهْداً، وَ لا مِنْهُ بُعْداً، وَ لاَ یَجْعَلْ مِنْهُ بَدیلاً، إِذَا لَمْ یَرَ مِنْهُ مُرُوءَةً. أَلا[73] فَإِنَّ الدُّنْیَا قَدْ أَدْبَرَتْ وَ آذَنَتْ بِوَدَاعٍ[74]. أَلا[75] وَ إِنَّ الآخِرَةَ قَدْ أَقْبَلَتْ وَ أَشْرَفَتْ بِاطِّلاعٍ. أَلا وَ إِنَّ الْیَوْمَ الْمِضْمَارَ، وَ غَداً السِّبَاقَ. أَلا[76] وَ إِنَّ[77] السَّبَقَةَ[78] الْجَنَّةُ، وَ الْغَایَةَ النَّارُ. [صفحه 351] أَ فَلا تَائِبٌ مِنْ خَطیئَتِهِ قَبْلَ حُضُورِ[79] مَنِیَّتِهِ؟. أَلا مُسْتَیْقِظٌ مِنْ غَفْلَتِهِ قَبْلَ نَفَادِ مُدَّتِهِ؟[80]. أَلا عَامِلٌ لِنَفْسِهِ قَبْلَ یَوْمِ بُؤْسِهِ؟. أَلا مُسْتَعِدُّ لِلِقَاءِ رَبِّهِ قَبْلَ زُهُوقِ نَفْسِهِ؟. أَلا مُتَزَوِّدٌ لآخِرَتِهِ قَبْلَ أُزُوفِ رِحْلَتِهِ؟[81]. أَلا وَ إِنَّكُمْ فی أَیَّامِ أَمَلٍ[82]، مِنْ وَرَائِهِ أَجَلٌ یَحُثُّهُ عَجَلٌ[83]، فَلْیَعْمَلِ الْعَامِلُ مِنْكُمْ فی أَیَّامِ مَهَلِهِ قَبْلَ إِرْهَاقِ[84] أَجَلِهِ، وَ فی فَرَاغِهِ قَبْلَ أَوَانِ شُغْلِهِ، وَ فی مُتَنَفَّسِهِ قَبْلَ أَنْ یُؤْخَذَ بِكَظَمِهِ، وَ لْیُمَهِّدْ لِنَفْسِهِ وَ قَدَمِهِ[85]، وَ لْیَتَزَوَّدْ مِنْ دَارِ ظَعْنِهِ لِدَارِ إِقَامَتِهِ. فَمَنْ عَمِلَ[86] فی أَیَّامِ أَمَلِهِ[87] قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ، فَقَدْ نَفَعَهُ عَمَلُهُ وَ لَمْ یَضْرُرْهُ أَجَلُهُ، وَ مَنْ قَصَّرَ فی أَیَّامِ أَمَلِهِ[88] قَبْلَ حُضُورِ أَجَلِهِ، فَقَدْ خَسِرَ عَمَلَهُ، وَ ضَرَّهُ أَجَلُهُ. أَلا فَاعْمَلُوا للَّهِ[89] فِی الرَّغْبَةِ كَمَا تَعْمَلُونَ لَهُ[90] فِی الرَّهْبَةِ، فَإِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَغْبَةٌ فَاشْكُرُوا اللَّهَ وَ اجْمَعُوا مَعَهَا رَهْبَةً، وَ إِنْ نَزَلَتْ بِكُمْ رَهْبَةٌ فَاذْكُرُوا اللَّهَ وَ اجْمَعُوا مَعَهَا رَغْبَةً، فَإِنَّ اللَّهَ قَدْ تَأَذَّنَ لِلْمُحْسِنینَ بِالْحُسْنی، وَ لِمَنْ شَكَرَ بِالزِّیَادَةِ[91]. [صفحه 352] أَلا وَ إِنّی لَمْ أَرَ كَالْجَنَّةِ نَامَ طَالِبُهَا، وَ لا كَالنَّارِ نَامَ هَارِبُهَا. أَلا وَ إِنَّهُ مَنْ لا یَنْفَعُهُ الْحَقُّ یَضُرُّهُ الْبَاطِلُ، وَ مَنْ لا یَنْفَعُهُ الْیَقینُ یَضُرُّهُ الشَّكُّ، وَ مَنْ لا یَنْفَعُهُ حَاضِرُهُ فَعَازِبُهُ عَنْهُ أَعْوَزُ، وَ غَائِبُهُ عَنْهُ أَعْجَزُ[92]، وَ مَنْ لا یَسْتَقیمُ[93] بِهِ الْهُدی یَجُرُّ بِهِ الضَّلالُ إِلَی الرَّدی. أَلا وَ إِنَّكُمْ قَدْ أُمِرْتُمْ بِالظَّعْنِ، وَ دُلِلْتُمْ عَلی الزَّادِ. أَلاَ أَیُّهَا النَّاسُ، إِنَّ الدُّنْیَا عَرَضٌ حَاضِرٌ یَأْكُلُ مِنْهَا الْبَرُّ وَ الْفَاجِرُ، وَ إِنَّ الآخِرَةَ دَارُ حَقٍّ[94] یَحْكُمُ فیهَا مَلِكٌ قَادِرٌ. أَلاَ وَ إِنَّ الشَّیْطَانَ یَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَ یَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ وَ اللَّهُ یَعِدُكُمْ مَغْفِرَةً مِنْهُ وَ فَضْلاً وَ اللَّهُ وَاسِعٌ عَلیمٌ[95]. قَدْ كَفَاكُمُ اللَّهُ تَعَالی[96] مَؤُونَةَ دُنْیَاكُمْ، وَ حَثَّكُمْ عَلَی الشُّكْرِ، وَ افْتَرَضَ مِنْ أَلْسِنَتِكُمُ الذِّكْرَ، وَ أَوْصَاكُمْ بِالتَّقْوی، وَ جَعَلَهَا مُنْتَهی رِضَاهُ مِنْ عِبَادِهِ[97]، وَ حَاجَتِهُ مِنْ خَلْقِهِ. فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذی أَنْتُمْ بِعَیْنِهِ، وَ نَوَاصیكُمْ بِیَدِهِ، وَ تَقَلُّبُكُمْ فی قَبْضَتِهِ، إِنْ أَسْرَرْتُمْ عَلِمَهُ، وَ إِنْ أَعْلَنْتُمْ كَتَبَهُ، قَدْ وَكَّلَ بِذَلِكَ[98] حَفَظَةً كِرَاماً، لا یُسْقِطُونَ حَقّاً، وَ لا یُثْبِتُونَ بَاطِلاً. وَ اعْلَمُوا أَنَّ مَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً مِنَ الْفِتَنِ، وَ نُوراً مِنَ الظُّلَمِ، وَ یُخَلِّدْهُ فیمَا اشْتَهَتْ نَفْسُهُ، وَ یُنْزِلْهُ مَنْزِلَ الْكَرَامَةِ عِنْدَهُ، فی دَارٍ اصْطَنَعَهَا لِنَفْسِهِ، ظِلُّهَا عَرْشُهُ، وَ نُورُهَا بَهْجَتُهُ، وَ زُوَّارُهَا مَلائِكَتُهُ، وَ رُفَقَاؤُهَا رُسُلُهُ. فَبَادِرُوا الْمَعَادَ، وَ سَابِقُوا الآجَالَ، فَإِنَّ النَّاسَ یُوشِكُ أَنْ یَنْقَطِعَ بِهِمُ الأَمَلُ، وَ یَرْهَقَهُمُ الأَجَلُ، [صفحه 353] وَ یُسَدَّ عَنْهُمْ بَابُ التَّوْبَةِ، فَلاَ یَنْفَعُ نَفْساً إیمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فی إیمَانِهَا خَیْراً[99]. أَلا وَ إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَیْكُمُ اثْنَانِ:[100] اتِّبَاعُ الْهَوی، وَ طُولُ الأَمَلِ. فَأَمَّا اتِّبَاعُ الْهَوی فَیُضِلُّ عَنِ الْحَقِّ. وَ أَمَّا طُولُ الأَمَلِ فَیُنْسِی الآخِرَةَ. عِبَادَ اللَّهِ، افْزَعُوا إِلی قَوَامِ دینِكُمْ بِإِقَامِ الصَّلاةِ لِوَقْتِهَا، وَ إِیتَاءِ الزَّكَاةِ لِحِلِّهَا، وَ النَّصیحَةَ لإِمَامِكُمْ. وَ التَّضَرُّعِ إِلَی اللَّهِ وَ الْخُشُوعِ لَهُ، وَ صِلَةِ الرَّحِمِ، وَ خَوْفِ الْمَعَادِ، وَ إِعْطَاءِ السَّائِلِ، وَ إِكْرَامِ الضَّیْفِ. وَ تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ وَ اعْمَلُوا بِهِ. وَ اصْدُقُوا الْحَدیثَ وَ آثِرُوهُ. وَ أَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِذَا عَاهَدْتُمْ. وَ أَدُّوا الأَمَانَةَ إِذَا ائْتُمِنْتُمْ. وَ ارْغَبُوا فی ثَوَابِ اللَّهِ، وَ ارْهَبُوا عِقَابَهُ. وَ جَاهِدُوا فی سَبیلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَ أَنْفُسِكُمْ. وَ عَلَیْكُمْ بِالْخُضُوعِ وَ الْخُشُوعِ، فَإِنَّهُ یَعْلَمُ مَا تُسِرُّونَ وَ مَا تُعْلِنُونَ[101]. وَ تَزَوَّدُوا فِی الدُّنْیَا مِنَ الدُّنْیَا مَا تُحْرِزُونَ[102] بِهِ أَنْفُسَكُمْ غَداً مِنَ النَّارِ، وَ اعْمَلُوا خَیْراً تُجْزَوْا خَیْراً یَوْمَ یَفُوزُ بِالْخَیْرِ مَنْ قَدَّمَ الْخَیْرَ[103]. [صفحه 354] فَقَدْ أَصْبَحْتُمْ فی مِثْلِ مَا سَأَلَ إِلَیْهِ الرَّجْعَةَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ. وَ أَنْتُمْ بَنُو سَبیلٍ، عَلی سَفَرٍ مِنْ دَارٍ لَیْسَتْ بِدَارِكُمْ، وَ قَدْ أُوذِنْتُمْ مِنْهَا بِالاِرْتِحَالِ، وَ أُمِرْتُمْ فیهَا بِالزَّادِ. إِنَّ مِنْ عَزَائِمِ اللَّهِ تَعَالی فِی الذِّكْرِ الْحَكیمِ، الَّتی عَلَیْهَا یُثیبُ وَ یُعَاقِبُ، وَ لَهَا یَرْضی وَ یَسْخَطُ، أَنَّهُ لا یَنْفَعُ عَبْداً، وَ إِنْ أَجْهَدَ نَفْسَهُ، وَ أَخْلَصَ فِعْلَهُ، وَ حَسَّنَ قَوْلَهُ، وَ زَیَّنَ وَصْفَهُ، وَ فَضَّلَهُ غَیْرُهُ[104]، أَنْ یَخْرُجَ مِنَ الدُّنْیَا لاقِیاً رَبَّهُ بِخَصْلَةٍ مِنْ هذِهِ الْخِصَالِ لَمْ یَتُبْ مِنْهَا: أَنْ یُشْرِكَ بِاللَّهِ فیمَا افْتَرَضَ عَلَیْهِ مِنْ عِبَادَتِهِ. أَوْ یَشْفِیَ غَیْظَهُ بِهَلاكِ نَفْسٍ. أَوْ یُقِرَّ[105] بِأَمْرٍ فَعَلَهُ غَیْرُهُ، أَوْ یَسُرَّهُ أَنْ یَحْمَدَهُ النَّاسُ بِمَا لَمْ یَفْعَلْ مِنْ خَیْرٍ[106]. أَوْ یَسْتَنْجِحَ حَاجَةً إِلَی النَّاسِ بِإِظْهَارِ بِدْعَةٍ فی دینِهِ. أَوْ یَلْقَی النَّاسَ بِوَجْهَیْنِ، أَوْ یَمْشِیَ فیهِمْ بِلِسَانَیْنِ، وَ بِالتَّجَبُّرِ وَ الأُبَّهَةِ[107]. إِعْقِلْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمِثْلَ دَلیلٌ عَلی شِبْهِهِ. إِنَّ الْبَهَائِمَ هَمُّهَا بُطُونُهَا. وَ إِنَّ السِّبَاعَ هَمُّهَا الْعُدْوَانُ عَلی غَیْرِهَا. وَ إِنَّ النِّسَاءَ هَمُّهُنَّ زینَةُ الْحَیَاةِ الدُّنْیَا، وَ الْفَسَادُ فیهَا. وَ إِنَّ الْمُؤْمِنینَ هَیِّنُونَ لَیِّنُونَ. إِنَّ الْمُؤْمِنینَ مُحْسِنُونَ[108]. إِنَّ الْمُؤْمِنینَ مُسْتَكِینُونَ. إِنَّ الْمُؤْمِنینَ مُشْفِقُونَ. [صفحه 355] إِنَّ الْمُؤْمِنینَ خَائِفُونَ. إِنَّ الْمُؤْمِنینَ وَجِلُونَ[109]. نَسْأَلُ اللَّهَ رَبَّنَا وَ رَبَّكُمْ أَنْ یَرْزُقَنَا وَ إِیَّاكُمْ[110] مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ، وَ مُعَایَشَةَ السُّعَدَاءِ، وَ مُرَافَقَةَ الأَنْبِیَاءِ وَ الأَبْرَارِ، فَإِنَّمَا نَحْنُ بِهِ وَ لَهُ، وَ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَ هُوَ عَلی كُلِّ شَیْ ءٍ قَدیرٌ. أَقُولُ قَوْلی وَ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لی وَ لَكُمْ[111].
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحیمِ اَلْحَمْدُ للَّهِ الأَوَّلِ فَلا شَیْ ءَ قَبْلَهُ، وَ الآخِرِ فَلا شَیْ ءَ بَعْدَه، وَ الظَّاهِرِ فَلا شَیْ ءَ فَوْقَهُ، وَ الْبَاطِنِ فَلا شَیْ ءَ دُونَهُ.
صفحه 343، 344، 345، 346، 347، 348، 349، 350، 351، 352، 353، 354، 355.
و متن مصادر نهج البلاغة ج 1 ص 370. و نهج السعادة ج 2 ص 637. باختلاف بین المصادر. و نسخة العطاردی ص 107. و نهج السعادة ج 3 ص 145. و نهج السعادة ج 3 ص 145. و نهج السعادة ج 3 ص 145. باختلاف بین المصادر. و البدایة و النهایة ج 8 ص 8. و ج 3 ص 219.